skip to Main Content

 

الحقيقة المؤسفة هي أن الكثير من الأذى الذي نشعر به يأتي من داخلنا. نحن من نضع أنفسنا في مواقف صعبة أو نتحمل أقل مما نستحق، ومن هنا يبدأ الألم. إيذاء النفس ليس دائمًا فعلاً ظاهريًا، بل هو نتيجة لمجموعة من القرارات الخاطئة والمعتقدات التي نسمح لها بالتأثير على حياتنا.

نبدأ بإيذاء أنفسنا عندما نسمح لأنفسنا بالبقاء في الهامش في حياة الآخرين، بينما نجعلهم محور حياتنا. هذا التوزيع غير المتوازن للعلاقات يستنزف طاقتنا ويتركنا نشعر بالإحباط. العلاقات الصحية تتطلب توازنًا بين العطاء والتقدير المتبادل، وعندما لا يتحقق ذلك، نخسر جزءًا من ذواتنا في محاولات إرضاء الآخرين.

نقبل بإيذاء أنفسنا أيضًا عندما نرضى بأقل مما نستحق في أي جانب من حياتنا. سواء كان ذلك في العمل، العلاقات، أو الفرص المتاحة، فإن تقليل قيمتنا هو أمر نقوم به بأنفسنا عندما لا نطالب بما نستحقه. احترام الذات يبدأ بالإيمان العميق بأنك تستحق الأفضل، وأن السعي لتحقيق هذا الأفضل ليس نوعًا من الأنانية بل هو حق أصيل.

نضر أنفسنا حين نكذب على الآخرين، لأن هذا السلوك يجعلنا نشك في صدق الآخرين أيضًا. عندما نكون غير صادقين، يصبح من الصعب علينا تصديق الآخرين، مما يولد الشك ويعزز عدم الثقة في العلاقات. الصدق هو الأساس في بناء الثقة، سواء مع الآخرين أو مع أنفسنا.

الكراهية تجاه الآخرين هي عبء نحمله نحن، وليس هم. مشاعر الكراهية لا تؤثر على من نكره، لكنها تثقل كاهلنا نحن. التخلص من هذه المشاعر يمنحنا الحرية الداخلية ويتيح لنا التركيز على ما هو أكثر أهمية في حياتنا.

الخوف من المخاطرة هو أحد أبرز أشكال إيذاء النفس. عندما نخاف من التغيير ونختار البقاء في منطقة الراحة، فإننا نحرم أنفسنا من الفرص التي يمكن أن تغير حياتنا للأفضل. اتخاذ المخاطرات المدروسة هو جزء أساسي من النمو الشخصي والمهني.

الخوف مما يقوله الناس أو يفكرون به هو قيد نضعه حول أعناقنا بأنفسنا. لا يمكننا التحكم فيما يقوله الآخرون، ولكن يمكننا التحكم في ردود أفعالنا. العيش وفق توقعات الآخرين لا يؤدي إلا إلى الشعور بالإحباط؛ لذا من الأفضل أن نبني حياتنا بناءً على قيمنا وأهدافنا الخاصة.

عندما نعتمد في ثقتنا بأنفسنا على آراء الآخرين، فإننا نضع سعادتنا في أيديهم. الثقة الحقيقية يجب أن تنبع من الداخل، من إدراكنا لقدراتنا وقيمتنا بغض النظر عن تقييمات الآخرين. هذا الوعي الداخلي يعزز من استقلاليتنا ويمنحنا القوة لمواجهة التحديات بثبات.

إدراك أن إيذاء النفس يأتي من الداخل هو الخطوة الأولى نحو التغيير. بناء حياة صحية تبدأ بتغيير هذه الأفكار والقرارات الخاطئة. عندما ندرك أننا نستحق الأفضل، ونستثمر في علاقات تعزز قيمتنا، ونخوض المخاطرات التي تقودنا نحو النمو، سنجد أن الحياة تصبح أكثر انسجامًا مع أهدافنا الحقيقية.

م. رامي مكي
استشاري أعمال

Back To Top